الموظف مسئول عن الإهمال والخطأ والتهاون الذي يقع منه حال تأدية الأعمال الموكولة إليه

0
2322

وجري قضاء المحكمة الإدارية العليا علي أن ” الموظف مسئول عن الإهمال والخطأ والتهاون الذي يقع منه حال تأدية الأعمال الموكولة إليه، وأن كثرة العمل ليست من الأعذار التي تعدم المسئولية الإدارية ،إذ المفروض أن العامل عليه أن يتحمل التبعة كاملة عن الأعمال التي يرتضي لنفسه أن يتصدى لمباشرتها، فضلاً عن أنه لو أخذ بها كذريعة لكل من يخل بواجبات وظيفته لأضحي الأمر فوضي لا ضابط له”.
( يراجع في ذلك حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 1562 لسنة 37ق- جلسة 26/12/1992)

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/حنا ناشد مينا. نائب رئيس مجلس الدولة. وعضوية السادة الأساتذة / رأفت محمد يوسف ومحمد عزت ابراهيم وعلى فكرى صالح وسعيد أحمد برغش نواب رئيس مجلس الدولة.

* إجراءات الطعن

فى يوم الاثنين الموافق 25 من شهر مارس سنة 1991 أودع السيد الأستاذ / صلاح المصرى المحامى بصفته وكيلا عن الطاعن ……….، قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 1562 لسنة 37 القضائية فى القرار الصادر من مجلس تأديب العاملين بمحكمة الإسكندرية الابتدائية بجلسة 27 من شهر يناير.سنة 1991 فى الدعوى رقم 11 لسنة 1990 تأديب ابتدائى والقاضى بمجازاة الطاعن بالفصل من الخدمة.
وطلب الطاعن للأسباب الواردة بتقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه وبتاريخ 27/3/1991 أعلن تقرير الطعن للمطعون ضدهما.
وحدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة 26/6/1991 وتوالى التأجيل للجلسات اللاحقة لتقدم هيئة مفوضى الدولة تقريرها فى الطعن، وقدمت هيئة مفوضن الدولة تقريرا مسببا ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بتعديل القرار المطعون فيه بتخفيف الجزاء المحكوم به على الطاعن، وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة بدفاعها تعقيبا على تقرير هيئة مفوضى الدولة طلبت فى ختامها الحكم برفض الطعن، وبجلسة 11/11/1992 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا – الدائرة الرابعة – بجلسة 28/11/1992 وبعد أن استمعت المحكمة إلى ما رأت لروما لسماعه من إيضاحات ذوى الشأن قررت إصدار الحكم فى الطعن لإصدار الحكم فيه بجلسة اليوم، وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.

* المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة قانونا.
ومن حيث ان الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث ان وقائع المنازعة الراهنة تتحصل حسبما يبين من الأوراق فى ان الطاعن ………… ويعمل محضرا بمحكمة الإسكندرية الابتدائية أحيل إلى مجلس تأديب العاملين بمحكمة الإسكندرية الابتدائية بقرار صدر من السيد رئيس المحكمة بتاريخ 15/8/1990 أثر تحقيقات إدارية أجريت مع الطاعن نسبت إليه عدة مخالفات تخلص فى انه تغيب عن عمله دون إذن سابق يوم 21/1/1990 وتسبب بإهماله فى سقوط جلسة الورقة 2626 جنائى بتأخره فى تنفيذها عن المدة المسموح بها وتقاعس فى رد الورقتين رقمى 22083 و22088 جنائى متجاوزا فى ذلك المواعيد المقررة مما ترتب عليه سقوط جلستهما وتقاعس فى تحرير خط السير اليومى وتسلم الإعلان رقم 12342 المحدد له جلسة 8/1/1990 ولم يرده إلا فى 4/2/1990 دون تنفيذ وتسبب بإهماله فى فقد الإعلانات أرقام 14967 و 15019 و 15020 كما تقاعس فى تنفيذ الإعلان الجنائى رقم 205 ورده يوم الجلسة المحددة له له دون تنفيذ وأعاد الورقة رقم 2077 دون إعلان وتقاعس فى الإعلان رقم 7 مدنى جهات ولم يرده إلا أثناء التحقيق معه ودون تنفيذ وأهمل فى إعلان الورقة رقم 2123 جهات ولم يرد الورقة رقم 1580 جنائى، وبسؤاله فيما نسب إليه علل ذلك بضغط العمل وكثرته وتداخل الأوراق مع بعضها فضلا عن حالته المرضية التى يعانيها وأحيلت الأوراق إلى وزارة العدل لمجازاة الطاعن إلا أنها أعيدت من الوزارة لتقديم الطاعن للمحاكمة التأديبية فقيدت ضده الدعوى رقم 11 لسنة 1990 تأديب ابتدائى الإسكندرية التى نظرها مجلس التأديب على النحو الموضح بمحاضر جلساته، وفى 27/1/1991 أصدر المجلس قراره قاضيا بفصل الطاعن من الخدمة، وشيد قضاءه على الثابت من الأوراق ان المخالف قد أهمل فى القيام بواجباته الوظيفية المكلف بها ولم يراع الدقة فى عمله فضلا عن عدم مواظبته فى الحضور لعمله حسبما هو وارد بقرار الإحالة مما يرى معه المجلس ان الجزاء المناسب له هو فصله من الخدمة إعمالا لنصوص قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة رقم 47 لسنة 1978 المعدل بالقانون رقم 115 لسنة 1983 الذى يوجب على العامل ان يؤدى العمل المنوط به بنفسه بدقة وأمانة ويحظر عليه مخالفة القواعد والأحكام والنظم المنصوص عليها فى القوانين واللوائح المعمول بها كما يحظر عليه الإهمال أو التقصير الذى يترتب عليه ضياع الحقوق.
ومن حيث ان مبنى الطعن ان القرار المطعون فيه قد شابه القصور فى التسبيب والفساد فى الاستدلال والإخلال بحق الدفاع لأسباب حاصلها ان مجلس التأديب لم يوضح عناصر إدانة الطاعن فى المخالفات التى نسبت إليه واكتفى بتقرير انه أهمل فى القيام بواجبات وظيفته المكلف بها ولم يراع الدقة فى عمله فضلا عن عدم مواظبته ولم يوضح كيفية حدوث تلك المخالفات والظروف التى ونعت فيها وأدلة ثبوتها فى حق الطاعن كما عول مجلس التأديب على مجرد ما نسب للطاعن فى التحقيقات الإدارية والمذكرات التى قدمت ضده بطريقة تعسفية فأوقع به أقصى عقوبة ولم يتدرج معه فى العقاب واسند إليه المخالفات دفعة واحدة فلم يؤخذ بكل منها على حده فجاءت العقوبة غير متناسبة مع المخالفات المنسوبة إلى الطاعن على فرض صحتها، ورغم إبداء الطاعن دليل عذره وهو المرض الثابت بالمستندات إلا ان المجلس لهم يلتفت إلى دفاعه من هذه الزاوية.
ومن حيث انه ولئن كانت المخالفات المنسوبة للطاعن ثابتة فى حقه بإقراره بها فى الأوراق فانه لا يدرؤها عنه ما تعلل به من ضغط العمل الملقى على عاتقة وكثرته فضلا عن حالته المرضية، ذلك ان الموظف مسئول عن الإهمال والخطأ والتهاون أو الإخلال الذى يقع منه حال تأديته الأعمال الموكولة إليه ولان كثرة العمل ليست من الأعذار التى تعدم المسئولية الإدارية ولو أخذ بها كذريعة لكل من يخل بواجبات وظيفته لأضحى الأمر فوضى لا ضابط له، لكنها قد تكون عذرا مخففا إذا ثبت ان الأعباء التى يقوم بها الموظف فوق قدراته، وأحاطت به ظروف لم يستطع ان يسيطر عليها تماما، كما ان القانون قد رسم طريقا لمواجهة المرض الذى يجتاح الموظف بما يحول بينه وبين التهاون فى العمل.
ومن حيث انه ولئن كان للسلطات التأديبية، ومن بينها المحاكم التأديبية ومجالس التأديب سلطة تقدير خطورة الذنب الإدارى وما يناسبه من جزاء، إلا ان مناط مشروعية هذه السلطة شأنها شأن أى سلطة تقديرية أخرى ألا يشوب استعمالها غلو، ومن صور هذا الغلو عدم الملائمة الظاهرة بين درجة خطورة الذنب الإدارى وبين نوع الجزاء ومقداره، ففى هذه الصورة تتعارض نتائج عدم الملائمة الظاهرة مع الهدف الذى تغياه القانون من التأديب ويعتبر استعمال سلطة تقدير الجزاء فى هذه الصورة مشوبا بالغلو فيخرج التقدير من نطاق المشروعية إلى نطاق عدم المشروعية ومن ثم يخضع لرقابة هذه المحكمة التى يخضع لرقابتها أيضا تعيين الحد الفاصل بين النطاقين، ومن هذا جاء تدرج القانون بالعقوبات التأديبية المقررة للذنوب الإدارية بدءا بالإنذار وانتهاء بالفصل من الخدمة وعلى نحو يحقق بالتعدد فى الجزاءات هدف العقاب ومشروعيته بزجر مرتكب الفعل وغيره وتأمين سير المرافق العامة.
ومن حيث إنه فى ضوء ما تقدم فان المحكمة ترى ان الجزاء الذى انزل بالطاعن قد جاء مسرفا فى الشدة غير متلائم مع المخالفات الإدارية التى وقرت فى حقه وعلقت بمسلكه بعد إذ كان الثابت أنها جميعها لا تمس نزاهته ولا تنال من ذمته، الأمر الذى يجعل القرار المطعون فيه وقد جاء مسرفا فى الشدة فى توقيع العقاب بما يزحزحه عن دائرة المشروعية إلى خارج نطاقها، ويتعين من ثم القضاء بإلغاء ذلك القرار فيما قضى به من مجازاة الطاعن بالفصل من الخدمة وبمجازاته بخصم شهرين من راتبه.

*فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه وبمجازاة الطاعن بالخصم من راتبه لمدة شهرين.

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا