استعرضت الجمعية العمومية ما استقر عليه إفتاؤها من أن المشرع اعتبر العقد قانون المتعاقدين وشريعتهما الحاكمة لكل ما يثار بشأن تنفيذه من منازعات، ولذلك لم يجز المشرع نقض العقد أو تعديله
إلا باتفاق طرفيه، أو للأسباب التي يقررها القانون، كما أوجب القانون تنفيذ العقد طبقًا لما اشتملت عليه بنوده وبطريقة تتفق مع ما يوجبه حسن النية، وعلى هذا فإن قعد أى من طرفى العقد عن تنفيذ الالتزامات الناشئة عنه كان للطرف الآخر إجباره على ذلك بالوسائل التي جعلها القانون في يد الدائن لحمل المدين على الوفاء،
ووفقًا للقواعد التي ينظم بها القانون التنفيذ الجبرى للالتزامات بصفة عامة، أي سواء أكانت التزامات ناشئة
عن الإرادة أم عن أي مصدر آخر من مصادر الالتزام، فضلاً عن إلزامه بالتعويض عن أي أضرار ترتبت للدائن عن تأخيره في تنفيذ التزاماته طواعية. كما أن المشرع استنّ أصلًا من أصول القانون ينطبق على العقود المدنية والإدارية على حد سواء، مقتضاه أن العقد شريعة المتعاقدين، فبانعقاد العقد صحيحًا يصير
كل من أطرافه ملتزمًا بتنفيذه، ولا يجوز لأى منهم التحلل من التزاماته بإرادته المنفردة، وأن تنفيذ العقد
يكون طبقًا لما اشتمل عليه وبطريقة تتفق مع مقتضيات حسن النية.
وبإنزال ما تقدم، ولما كان الثابت من كتاب وزارة الصحة والسكان الوارد إلى إدارة الفتوى برقم (82) بتاريخ 27/2/2018 قد تضمن رد مستشفى الهرم بأنه تم خصم التأمين المدفوع من الجهاز المركزى للتعمير لسداد المديونية محل النزاع، وأن المتبقى عليه مبلغ مقداره (41127.92) جنيهًا. وإذ تمت مخاطبة الجهاز المركزى للتعمير أكثر من مرة للرد على ما تقدم دون جدوى؛ الأمر الذى يقيم قرينة لمصلحة وزارة الصحة والسكان (مستشفى الهرم) على صحة المطالبة بالمبلغ المشار إليه، ومن ثم يكون من مقتضى ما تقدم إلزام الجهاز المركزى للتعمير بأداء المبلغ المشار إليه إلى مستشفى الهرم كمقابل خدمات الرعاية العلاجية التي قدمها المستشفى للعاملين بالجهاز في إطار العقد المبرم بينهما المؤرخ 26/4/1993م.
لـــذلــــك
انتهت الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع إلى إلزام الجهاز المركزى للتعمير بأداء
مبلغ مقداره (41127.92) واحد وأربعون ألفًا ومائة وسبعة وعشرون جنيهًا واثنان وتسعون قرشًا إلى مستشفى الهرم، وذلك على النحو المبين بالأسباب.